وقال: يا رسول الله إن لكل شاعر جائزة وقرى، وإني أطلب جائزتي الشهادة، فاستجاب الله دعاءه.

وقتل ذلك اليوم مكبس السلطان وطشت داره، وثبتت ميسرة المسلمين، وصاح السلطان فيمن بقي من المسلمين: يال الإسلام. وعادت ميسرة الفرنج إلى عسكره، فتكاثر الناس وراءهم، وحملوا عليهم، فانهزموا، وتبعهم المسلمون، فقتلوا منهم زهاء سبعة آلاف. ولم يقتل من المسلمين غير مائة وخمسين نفراً.

ثم إن الحرب إتصلت بينهم ليلاً ونهاراً، وكثر القتل بينهم، وأقبل الشتاء، فلقي المسلمون منه شدة. وحضروا إلى السلطان، وأشاروا عليه بالرحيل عن عكا إلى الخروبة، لينفسخ ما بين العسكرين. وكان ذلك للضجر من تلك المواقفة، وملازمة القتال، حتى أوهم السلطان وقالوا له: إنك قد ضيقت على الفرنج مجال الهرب، وحلت بينهم وبين صور، وطرابلس، ولو أفرجت لهم عن الطريق لما وقفوا بين يديك. فرحل السلطان إلى الخروبة.

فأصبح الفرنج وقد انبسطوا على عكا، وأحاطوا بها من سائر جهاتها، واتصل ما بينهم وبين صور، وجاءت مراكبهم منها، فحصرت عكا من جانب البحر، وضعفت قلوب المسلمين بعكا، وعادوا يقتاتون من الحواصل المدخورة، بعد أن كان من المير المجلوبة.

وتوفر الفرنج على قتال أهل عكا بعد أن كانوا مشغولين بالعسكر، وشرع الفرنج في إدارة خندق على عساكرهم، كاستدارتهم بعكا، وجعلوه شكلاً هلالياً: طرفاه متصلان بالبحر، وأقاموا عليه سوراً مما يليهم، وشرفوه بالجنويات والطوارف، والتراس.

واتصلت الأمداد إليهم من البحر، بالأقوات والرجال والأسلحة، حتى كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015