ثم قام إلى مجلس آخر، ولبس ثياب الحداد، وخرج إليهم وقال: يحسن الله عزاءكم في الملك العادل، فإن الله قد نقله إلى جنات النعيم. وتوجه المؤيد بن العميد، وعثمان زردك، وهمام الدين إلى حلب، لإثبات ما في الخزائن بحلب، وختمها بخاتم الملك الصالح.
وكان وزير الملك العادل نور الدين: موفق الدين خالد بن محمد بن نصر بن القيسراني، رسولاً عنه بمصر. فاتفق رأي الجماعة على أن ولوا وزارة الملك الصالح: شهاب الدين أبا صالح عبد الرحيم بن أبي طالب بن العجمي، وكان عدلاً على خزائن نور الدين.
وكان شمس الدين علي، ابن داية نور الدين، أخو مجد الدين لأمه، من أكبر الأمراء النورية، وأمر حلب راجع إليه وإلى إخوته في أيام نور الدين. وكان بحلب عند موت نور الدين، وسابق الدين عثمان وبدر الدين حسن أخواه، فتولى شمس الدين علي تدبير حلب، وصعد إلى القلعة، وحصل بها مع شاذبخت، والأمير بدر الدين حسن متولي الشحنكية بالمدينة.
وكان نور الدين قد سير إلى الموصل وغيرها من البلاد يستدعي العساكر، بحجة الغزاة، ومقصوده الطلوع إلى مصر، فسار سيف الدين غازي بعسكر الموصل، وعلى مقدمته سعد الدين كمشتكين الخادم، وكان قد جعله نور الدين والياً من قبله بالموصل. فلما كانوا ببعض الطريق، وصلتهم الأخبار بموت نور الدين فهرب سعد الدين كمشتكين إلى حلب جريدة.
وأما سيف الدين فإنه أخذ بلاد الجزيرة جميعها، سوى قلعة جعبر، فأرسل