البلد على أن يقره بيد سيف الدين، وطلب الأمان لنفسه وعلى أن يمضي صحبته إلى الشام، ويقطعه ما يرضيه فتسلم البلد، وأبقى فيه سيف الدين غازي.
وعاد إلى حلب فدخلها في شعبان من هذه السنة.
وكتب إلى الملك النصر صلاح الدين يأمره بقطع الخطبة العاضدية وإقامة الخطبة المستضيئية العباسية، فامتنع واعتذر بالخوف من قيام أهل الديار المصرية عليه، وكان يؤثر أن لا يقطع الخطبة للمصريين في ذلك الوقت، خوفاً من نور الدين أن يدخل إلى الديار المصرية فيأخذها منه، وإذا كان العاضد معه امتنع وأهل مصر معه، فلم يقبل عذره نور الدين، وألح عليه.
وكان العاضد مريضاً فخطب للمستضيء في الديار المصرية. وتوفي العاضد، ولم يعلم بقطع الخطبة. وقيل: أنه علم قبل موته، وكان ذلك في سنة سبع وستين وخمسمائة.
وفي هذه السنة تتبع نور الدين رسوم المظالم والمؤن في جميع البلاد التي بيده، فأزالها وعفى رسومها ومحا آثار المنكرات والفواحش، بعدما كان أطلق من ذلك في تواريخ متقدمة، وكان مبلغ ما أطلقه أولاً وثانياً خمسمائة ألف وستة وثمانين ألفاً وأربعمائة وستين ديناراً.
وكان رأى وزيره موفق الدين خالد بن القيسراني في المنام كأنه يفضل ثياب نور الدين، ففسر ذلك عليه، ففكر في ذلك ولم يرد عليه جواباً، فخجل وزيره وبقي أياماً واستدعاه، وقال: تعالى يا خالد، اغسل ثيابي، وأمره فكتب توقيعاً بإزالة ما ذكرناه.
وسار الملك الناصر من مصر غازياً، فنازل حصن الشوبك وحصره، فطلبوا الأمان واستمهلوه عشرة أيام، فلما سمع نور الدين بذلك سار عن دمشق، فدخل