وعرف عزم أتابك زنكي على قصد دمشق، وأنه متى وصلها سلمت إليه، فكاتب أتابك زنكي وحثه على سرعة الوصول إليها ليسلمها إليه طوعاً، وشرط عليه أن يمكنه من الإنتقام من كل من يكرهه من المقدمين والأمراء والأعيان، وكرر المكاتبة إليه في ذلك، وقال: إن أهلمت هذا الأمر استدعيت الفرنج وسلمت دمشق إليهم، وكان إثم المسلمين في عنقك.
وشرع في نقل أمواله وأحواله إلى صرخد، فظهر هذا الأمر لأصحابه، فأشفقوا من الهلاك وأعلموا والدته زمرد خاتون بذلك، فقلقت له، وحسنوا لها قتله، وتمليك أخيه شهاب الدين محمود فرجح ذلك فى نظرها، وعزمت عليه، فانتظرت وقت خلوته من غلمانه وسلاحيته، وأدخلت عليه من أصحابها من قتله.
وأخرجته فألقي في ناحية من الدار ليشاهده غلمانه وأصحابه فسروا بذلك.
وذلك في يوم الأربعاء الرابع عشر من شهر ربيع الآخر، سنة تسع وعشرين وخمسمائة.
وقيل: أنه اتهم يوسف بن فيروز حاجب أبيه بوالدته، فهرب منه إلى تدمر، فأراد قتل أمه، فبلغها الخبر فقتلته خوفاً منه.
وأجلست والدته مكانه أخاه شهاب الدين محمود بن بوري، وحلف الناس له. وتوجه أتابك زنكي من الموصل مجداً ليتسلم دمشق من شمس الملوك، فوصل إلى الرقة وقال: أشتهي أن أدخل الحمام. فأحضر صلاح الدين مسيب بن مالك صاحب الرقة، وقال له: أتابك يشتهي دخول الحمام، وهذه خمسمائة دينار تسلمها واعمل له بها دعوة فلم يشك في ذلك، ودخلوها، فلما حصلوا بها أخذوها منه، وذلك في العشرين من شهر ربيع الآخر.
وبلغه ما جرى بدمشق، فلم يقطع طمعه فيها، وسار فنزل العبيدية، وراسل أهل دمشق، فلم يجيبوه إلى مطلوبه وردوا عليه جواباً خشناً، يتضمن أن الكلمة قد