واستقر ملك أتابك بالموصل، والجزيرة، والرحبة، وحلب، والتوقيع له بجميع البلاد الشامية وغيرها.
وتزوج أتابك خاتون بنت الملك رضوان، وبنى بها في دير الزبيب، وكانت معه إلى أن فتح الخزانة بحلب، واعتبر ما فيها، فرأى الكبر الذي كان على أبيه أق سنقر، حين قتله تتش جدها، وهو ملوث بالدم، فهجرها من ذلك اليوم.
وقيل: إنه هدم المشهد الذي على قبر رضوان، عند ذلك.
ودام أتابك مهاجراً لها إلى أن دخلت على القاضي أبي غانم قاضي حلب، وشكت حالها، فصعد إليه وكان جباراً إلا أنه ينقاد إلى الحق، وإذا خوف بالله خاف، فخرج ليركب، فلما ركب ذكر له القاضي ما ذكرته خاتون، فساق دابته أتابك، ولم يرد عليه جواباً، فجذب القاضي أبو غانم بلجام دابته، فوقفت، وقال له: يا مولانا، هذا الشرع لا ينبغي العدول عنه. فقال له أتابك: اشهد علي أنها طالق. فأرسل اللجام وقال: أما الساعة فنعم.
واستوحش الأمير سوار بن أيتكين من تاج الملوك بوري صاحب دمشق، وكان في خدمته، فورد إلى حلب إلى خدمة أتابك، في سنة أربع وعشرين، فأكرمه، وشرفه، وخلع عليه، وأجرى له الإقطاعات الكثيرة، وأعطاه ولاية حلب وأعمالها، واعتمد عليه في قتال الفرنج، وكان له بصيرة بالحرب وتدبير الأمور وله وقعات كثيرة مع الفرنج ومواقف مشهورة أبان فيها عن شجاعة وإقدام، وصار له بسببها الهيبة في قلوب الكفار الأغتام.