وقيل: إن البرسقي قتل بيده منهم ثلاثة، وكان البرسقي رحمه الله قد رأى تلك الليلة في منامه عدة من الكلاب ثاروا به فقتل بعضها، ونال منه الباقون أذى شديداً، فقصق رؤياه على أصحابه، فأشاروا عليه بترك الخروج من داره عدة أيام، فقال: لا أترك الجمعة لشيء أبداً. وكان من عادته أن يحضر الجمعة مع العامة رحمه الله وكان وزير البرسقي المؤيد بن عبد الخالق وكان قدم معه حلب حين قدمها.
وملك عز الدين مسعود حلب عند ورود الخبر عليه بقتل أبيه في سنة
عشرين، واستوزر المؤيد وزير أبيه وولى فيها من قبله الأمير تومان.
وسار من حلب في سنة إحدى وعشرين وخمسمائة إلى السلطان محمود وهو ببغداد، فسأله أن ينعم عليه ببلاد أبيه، فكتب له منشوراً بذلك، فوصل إلى الموصل وملكها، ثم نزل إلى الرحبة قاصداً إلى الشام، وكان يظن أن قاتل أبيه قوم من أهل حماة، فأضمر للشام وأهله شراً عظيماً.
ورجع عما كان عليه من الأفعال المحمودة والإقبال على مجاهدة الفرنج، وبلغ طغتكين عنه أنه يقصده، فتأهب له فلما نزل بظاهر الرحبة امتنع واليها من تسليمها، فحاصرها أياماً فسلمها الوالي إليه، ونزل فوجده قد مات فجأة، وقيل: سقي سماً فمات.
وندم الوالي على تسليم الرحبة، وكان قد وصلت قطعة من العسكر لتقوية حلب فمنعهم تومان من الدخول إليها. فوقع الشر بينه وبين رئيس حلب فضائل بن بديع، وداخلهم إلى حلب.