في العام الخالي، ونعيد رفينة عليك. فتجنب الحرب، وخشى أن يتم على المسلمين ما تم على عزاز فصالحهم إلى أن فرج الخناق عن الأثارب، وخرج صاحبها بماله ورجاله.

فغدر الفرنج وقالوا: ما نصالح إلا على أن تكون الأماكن التي ناصفنا فيها في العام الماضي لنا دون المسلمين. فامتنع من ذلك وأقام على حلب أياماً والرسل تتردد بينهم، فلما لم تتفق حال عاد أق سنقر، ونزل قنسرين، ورحل إلى سرمين، وامتدت العساكر إلى الفوعة ودانيث.

ونزل الفرنج على حوض معرة مصرين، فأقاموا كذلك إلى نصف رجب، ونفدت أزواد الفرنج، فعادوا إلى بلادهم، ثم عاد البرسقي وفي صحبته أتابك طغتكين، وكان وصل إليه وهو على قنسرين فدخلوا من العسكر ونزلوا باب حلب. ومرض أتابك فعملت له المحفات، وأوصى إلى البرسقي، وتوجه إلى دمشق، وسلم البرسقي حلب وتدبيرها إلى ولده عز الدين مسعود، فدخل حلب، وأجمل السيرة وتحلى بفعل الخير.

مقتل البرسقي

وسار أبوه إلى الموصل، فدخلها في ذي القعدة سنة عشرين

وخمسمائة، وقصد الجامع بها ليصلي فيه يوم الجمعة تاسع ذي القعدة، وقصد المنبر، فلما قرب منه وثب عليه ثمانية نفر في زي الزهاد، فاخترطوا خناجر وقصدوه وعليه درع من الحديد، وحوله جمع عظيم وهو متحقظ منهم، فسبقبوا أصحابه إليه، فضربوه حتى أثخنوه وحمل جريحاً فمات من يومه.

وقتل من كان وثب عليه من الباطنية غير شاب واحد كان من كفر ناصح ضيعة من عمل عزاز فإنه سلم، وكان له أم عجوز فلما سمعت بقتل البرسقي وقتل من وثب عليه وكانت قد علمت أن ابنها معهم فرحت واكتحلت وجلست مسرورة فوصلها ابنها بعد أيام سالماً فأحزنها ذلك، وجزت شعرها وسودت وجهها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015