وكان شرف الدولة بالقادسية فدخل الحمام وهي ملاصقة لداره، فوثب عليه مملوكان برسم خدمته، فجعلا في حلقه أنشوطة ليخنقاه، وانتظرا صاحباً لهما يدخل بسكين، فصاح شرف الدولة فسمعت صياحه زوجته

خاتون أخت السلطان ألب أرسلان، فخرجت إليه فانهزما عنه ومرض من ذلك أياماً، وأخذا وقتلا.

ولما بلغ ذلك أبا العز بن صدقة البغدادي عاد من حلب إلى القادسية.

وكان سديد الملك بن منقذ قد عمر قلعة الجسر، وقصد مضايقة شيزر وبها أشقف الباره وضيق عليه إلى أن راسله واشتراها منه، واستحلفه على أشياء اشترطها عليه.

ولم يزل ابن منقذ يعده الجميل ويتلطف له إلى أن سلم إليه حصن شيزر ليلة الأحد النصف من شهر رجب من سنة أربع وسبعين وأربعمائة.

ووفى له ابن منقذ بكل ما عاهده علي، فثقل ذلك على شرف الدولة وحسد ابن منقذ على شيزر فسار عسكر حلب مع مؤيد الدولة علي بن قريش إلى شيزر، ونزلوا عليها في يوم الجمعة خامس ذي الحجة سنة أربع وسبعين وأربعمائة، بعد مراسلات جرت فلم يجب ابن منقذ إلى ما التمس منه.

وكان علي بن قريش قد أخذ في طريقه حصناً لابن منقذ يقال له أشفونا غربي كفرطاب، وكان ابن منقذ قد تأهب للحصار، وحمل من الجسر إلى شيزر ما يكفي لمن فيه مدة طويلة من سائر الأشياء.

وحصره علي بن قريش مدة إلى أن وصل شرف الدولة بنفسه، فنزل

على شيزر يوم الأربعاء سلخ المحرم من سنة خمس وسبعين وأربعمائة.

ثم رحل عنها إلى حمص يوم السبت ثالث صفر، وأقام عسكره على شيزر، فتطارح ابن منقذ عليه، وسير إبنه أبا العساكر وامرأته منصورة بنت المطوع وأخته رفيعة بنت منقذ إلى حمص. فدخلوا عليه، وحملوا إليه مالاً، فأنفذ إلى عكسره، ورحله عن شيزر في الثامن والعشرين من صفر من السنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015