القسم الخامس عشر
نصر بن محمود بن نصر بن صالح
وأوصى بحلب لابنه شبيب وكان أصغر أولاده فلم تنفذ أصحابه وصيته، وملكوا حلب ولده الأمير نصر بن محمود، وجده لأمه الملك العزيز بن جلال الدولة ابن بويه، وأحصي ما وجد في خزائن محمود فكانت قيمته من العين والمتاع والآلات، والثياب، والمراكب آلف ألف وخمسمائة آلف دينار.
وأمن الناس في أيام نصر وكانت سيرته أصلح من سيرة أبيه، وأحسن إلى أهل حلب، وأطلق من كان في اعتقال أبيه من أحداثهم، وعم الناس بجوده. وكان بحراً للمكارم إلا أنه كان لا يستطيع أن يرى أحداً يأكل طعامه مع كرمه وجوده.
ودخل عليه أبو الفتيان بن حيوس حين ولي حلب فأنشده القصيدة التي أولها:
كفى الذين عزا ما قضاه لك الدهر ... فمن كان ذا نذر فقد وجب النذر
اعتذر فيها عن تأخره عن سلفه فقال:
تباعدت عنكم حرفة لازهادة ... وسرت إليكم حين مسني الضر
فجاد ابن نصر لي بألف تصرمت ... وإني لأرجو أن سيخلفها نصر
فأطلق له نصر آلف دينار، وقال: وحياتي، لو قال سيضعفها نصر لأضعفتها. ولم يزل يواصل ابن حيوس بالحباء وجزيل العطاء، وأنشده ابن حيوس يوماً بديهاً وقد خرج ينظر المد في قويق:
أرى الأرض تثني بالنبات على الحيا ... ولو تستطيع النطق خصتك بالحمد