فراشه، فقام قائماً، وقئل الأرض، وشكر ودعا. فعرف ابن أبي الثريا، فركب، ولقي الفراش ودفع إليه مائة دينار، وسأله أن يقول لمحمود: إن هذا شيخ خرف لأنه لم يقبل طعام مولانا، وقال: كافأه الله وعجل عليه لما. ففعل الفراش ذلك.
ودخل ابن أبي الثريا عقيبه على محمودث وجاراه في حديث لا يتعقق بأبي بشر فلم يقبل عليه، ووجده مملوء القلب غيظاً من جواب الفراش. فقال ابن أبي الثريا: " الله لا يشغل لمولانا خاطراً، فما أراه منبسطاً في مجلسه ولا مصغياً إلى المملوك لما. فحدثه بما قال الفراش، فقال يا مولانا: لم تزل إليه محسناً ويقابلك بالإساءة فكيف يكون بعدما جرى عليه وعلى ابنه وأخيه ما جرى. وأنا أدري أنك تريد ماله، وقد تكرر قوله إنه لا يعطيك شيئاً. قال محمود: " هذا سيفي وخاتمي، خذهما وامض إليه فان لم يقر بشيء فاقتله.
فقام ابن أبي الثريا من عنده بذلك، واشتغل محمود بالشرب فنهم منه، وأحضر ابن أبي الثريا أبا بشر فلم يطالبه بمال بل قال له، " ما زلت تتجلد حتى صرت إلى هذه الحال ". فقال: " يا قائد السوء قد علمت أن هذا كله من سعيك، والأجل لا مرد له، وهذا موت الشمهداء، ولكن استعد لرجلك بحبل، فستموت ميتة الكلاب، وتجر جيفتك إلى الخندق.
وقتل أبو بشر، ورمي وسط بئر بستان القصر. وصعد الوزير أبو نضر بن النخاس ثاني يوم قتل أبي بشر إلى خدمة محمود، فقال له سراً:
" تمضي إلى أبي بشر لتقرير ما عليه، ويطلق لما. فقال: " يا مولانا وما قد قتلته. فأطرق محمود ساعة وقال: تمت علي وعليه الحيلة، ويجب يا أبا نصر أن تكتم هذا الأمر " قال أبو نصر: فما حدثت به إلا بعد موت محمود، واستقل أبن أبي الثريا بوزارة محمود.
وأما سديد الملك أبو الحسن بن متقذ فإنه استشعر من تاج الملوك أن يقبضه وكان أخاه من الرضاعة فاجتمع باسباسلار أبي حرب، المعروف، بخريبة الفايا، وكان صاحب سر محمود ونديمه، وكان لابن منقذ إليه إحسان كثير وصنائع جمة، فمال له:، قد استشعرت من تاج الملوك فانظز ما تعمله معي، فقال: " تكلفني أن يقول الأمير أريد اقبض على فلان فأخبرك بذلك، لا والله، ولكن أنا أنفذ إليك مع عجوز عندي ألفي دينار، فإذا نفدت طلبتها منك فشأنك ونفسك