فخرج إليهم نقيطاً قطبان أنطاكية، وحاصرهم في المغاير، ودخن عليهم، وساعده على ذلك نصر بن صالح صاحب حلب، ثم التمسوا الأمان بعد اثنين وعشرين يوماً، فأخرجوهم بالأمان، وقبضوا على دعاتهم وقتلوهم، وذلك في شهر ربيع الأول من سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة.
وفي هذه السنة استوحش سالم بن مستفاد الحمداني من شبل الدولة نصر، وكان صالح بن مرداس قد ولاه رئاسة حلب بعد ما سلمها إليه، وقدمه على الأحداث، وأبقاه نصر بعده على حاله إلى هذا التاريخ واستقر عليه أحداث حلب ورعاعها ولبسوا السلاح، وعولوا على محاربة القلعة.
وكان يتردد بين سالم وبين شبل الدولة كاتب نصراني يعرف بتوما وكان يحرف ما ينقله عن ابن مستفاد إلى نصر، ويزيد في التجني، ويسوم شططاً لا يمكن إجابته إليه، وذلك من غير علم ابن مستفاد.
فلما رأى شبل الدولة نصر كثرة تعديه حمل نفسه على محاربته، وركب إليه، فلما رآه الحلبيون دعوا له وانقلبوا إليه، وقاتلوا دار ابن مستفاب، فطلب الأمان فحلف له أنه لا يجري له دماً وحبسه بالقلعة، ونهبت داره، ثم خاف استبقاءه فقتله خنقاً، ليخرج عن يمينه بأنه لم يجر له دماً.
وتبين لنصر بعد قليل كذب ذلك النصراني الكاتب، وما كان يحرفه في رسالته فقبض عليه، وطالبه بمال، فلما استصفى ماله دخل عليه بعض أجناد القلعة فخنقه في ذي القعدة. وقيل ذي الحجة من سنة خمس وعشرين وأربعمائة.
ودام نصر بن صالح في مملكة حلب إلى سنة تسع وعشرين وأربعمائة.
وقتل في المصاف بينه وبين أمير الجيوش الدزبري.