وَإِمَّا الحماقة. وجمعك بَين الْحَالَتَيْنِ عَجِيب، يرزقك السنين العديدة من غير حق وَجب لَك، وتسيء الظَّن بِهِ يَوْم توجب الْحق، وتعتذر بالغفلة، فَمَا بالك التَّمَادِي. تعترف بالذنب فَمَا الْحجَّة مَعَ الْإِصْرَار، والبلد الطّيب يخرج نَبَاته بِإِذن ربه. وَالَّذِي خبث لَا يخرج إلاكدارا، يَا مدعى النسْيَان مَاذَا فعلت من بعد التفكير، يَا معتذرا بالغفلة أَيْن نصْرَة التَّنْبِيه، يَا من قطع بالرحيل أَيْن الزَّاد. يَا ذُبَابَة الْحِرْص الى كم تلحج فِي ورطة الشهد، يَا نايما ملْء عَيْنَيْهِ، جِدَار الْأَجَل يُرِيد أَن ينْقض، يَا ثمل الاغترار قرب خماد النَّدَم. تدعى الحذق بالصنايع، وتجهل هَذَا الْقدر. تبذل النصح لغيرك، وتغش نَفسك هَذَا الْغِشّ. اندمل جرح توبتك على عظم، قَامَ بِنَا عزيمتك على رمل نَبتَت خضراه، دعوتك على دمنه. عقدت كفك من الْحق على قَبْضَة مَا {" فَمن زين لَهُ سوء عمله فَرَآهُ حسنا ... . " الاية "} إِذا غام جو الْمجْلس، وابتدا رش غمام الدُّمُوع، قَالَت النَّفس الأمارة حوالينا وَلَا علينا، فوالت ريَاح الْغَفْلَة وسحاب الصَّيف جفاف كلما شدّ طِفْل الْعَزِيمَة كَفه على درة التَّوْبَة صانعته طير الشَّهْوَة على ذَلِك بعصفور. إِذا ضيق الْخَوْف فسحة الْمهل، سرق الأمل حُدُود الْجَار. قَالَ بعض الْفُضَلَاء، كَانُوا إِذا فقدوا مطلوبهم تأملوا قُلُوبهم، وَلَو صدق الْوَاعِظ الْأَثر، اللَّهُمَّ لَا أَكثر، طَبِيب يداوي النَّاس وَهُوَ عليل والتفطن قَلِيل، فَهَل إِلَى الْخَلَاص سَبِيل. اللَّهُمَّ انْظُر بِعَين رحمتك الَّتِي وسعت الْأَشْيَاء، وشملت الْأَمْوَات والأحياء، يَا دَلِيل الحائرين. دلنا يَا عَزِيز، ارْحَمْ ذلنا يَا ولي من لَا ولي لَهُ كن لنا إِن أَعرَضت عَنَّا فَمن لنا نَحن المذنبون، وَأَنت غفار الذُّنُوب، فَقلب قُلُوبنَا يَا مُقَلِّب الْقُلُوب، واستر عيوبنا يَا ستار الْعُيُوب يَا أمل الطَّالِب وَغَايَة الْمَطْلُوب، أَنْت حَسبنَا وَنعم الْوَكِيل.