(خُذ من حياتك للمات الآت ... وبدار مَا دَامَ الزَّمَان موَات)
(لَا تغترر فَهُوَ التُّرَاب بقيعة ... قد خودع الْمَاضِي بِهِ والآتي)
(يَا من يؤمل واعظا ومذكرا ... يَوْمًا لينقذه من الغفلات)
(هلا اعْتبرت ويالها من عِبْرَة ... بمدافن الْآبَاء والأمات)
(قف بِالبَقِيعِ وناد فِي عرصاته ... فلكم بِهِ من جيرة ولدات)
(درجوا وَلست بِخَالِد من بعدهمْ ... متميز عَنْهُم بِوَصْف حَيَاة)
(وَالله مَا استهللت حَيا صَارِخًا ... إِلَّا وَأَنت تعد فِي الْأَمْوَات)
(لَا فَوت عَن دَرك الْحمام لَهَا رب ... وَالنَّاس صرعى معرك الْآفَات)
(كَيفَ الْحَيَاة لدارج متكلف ... سنة الْكرَى بمدافن الْحَيَّات)
(أسفا علينا معشر الْأَمْوَات لَا ... ننفك عَن شغل بهاك وهات)
(ويغرنا لمع السراب فتغتدي ... فِي غَفلَة عَن هَادِم اللَّذَّات)
(وَالله مَا نصح امْرأ من غشه ... وَالْحق لَيْسَ بخافت للمشكات)
يَا من غَدا وَرَاح، وَألف المراح، يَا من شرب الراح، ممزوجة بالعذب القراح، وَقعد لقيان صروف الزَّمَان، مقْعد الاقتراح، كَأَنَّك وَالله باخْتلَاف الرِّيَاح، وَسَمَاع الصياح، وهجوم غَارة الاجتياح، فأديل الخفوت من الارتياح، ونسيت أصوات الفنا برنات النياح، وعوضت غرر النوب بالقباح، من غرر الْوُجُوه الصَّباح، وتناولت الجسوم الناعمة أَيدي الاطراح، وتنوسيت العهود الْوَثِيقَة بكر المسا عَلَيْهَا والصباح، وأصبحت كماة النطاح من تَحت البطاح، وَحَملَة المهندة والرماح، ذليلة بعد الجماح:
(وَلَو كَانَ هول الْمَوْت لَا شَيْء بعده ... لهان عَلَيْهَا الْأَمر واحتقر الهول)