حداثته الشّعْر والإنشا، وَله فِي بَلَده بَيت معمور بِفضل وَأَمَانَة، ومجد وديانة، وَنَشَأ هَذَا الْفَاضِل على أتم العفاف والصون، فَمَا مَال إِلَى فَسَاد بعد الْكَوْن، وَقد ثَبت من كَلَامه، ونفثات أقلامه، كل مُحكم الْعُقُود، زار بابنة العنقود.

فِي وصف أبي بكر بن مقَاتل نَابِغَة مالقية، وَخَالف مِمَّن ترك الأدبا وَبَقِيَّة، ومغربي الوطن أخلاقه مشرقية. اشْتهر بالإجادة بَين أَصْحَابه، وتألق تألق البارق خلال سحابه، حَتَّى اشْتهر إحسانه، وَمضى عِنْد الضريبة لِسَانه، ثمَّ أزمع الرحيل إِلَى الْمشرق، مَعَ اخضرار الْعود، وَسَوَاد المفرق، وَسَهْم الْقدر لَا يخطى، وَمن استحثه الْأَجَل لَا يبطى، وَلما توسطت السَّفِينَة اللجج، وقارعت التبج، هال عَلَيْهَا الْبَحْر، فَسَقَاهَا كأس الْحمام، وأولدها قبل التَّمام، وَكَانَ رَحمَه الله فِيمَن اشْتَمَلت عَلَيْهِ أعوادها، وانضم على نوره سوادها من الطّلبَة والأدباء، وَأَبْنَاء السراة والحسباء، أصبح كل مِنْهُم مُطيعًا لداعى الردى وسميعا، وأحيوا فُرَادَى وماتوا جَمِيعًا، فملأوا الْقُلُوب حزنا، وَأرْسلت العبرات عَلَيْهِم مزنا. وَكَانَ الْبَحْر لما طمس سبل خلاصهم وسدها، وأمال هضبة سفينتهم وهدها، غَار على دررهم النفيسة فاستردها. والفقية أَبُو بكر مَعَ إكثاره، وانقياد نظامه ونثاره، لم أظفر من أدبه إِلَّا باليسير التافه بعد وداعه وانصرافه.

فِي وصف الْمُؤَذّن أبي الْحجَّاج بن مَرْزُوق

خير استبق إِلَى دَاعِي الْفَلاح استباقا، وانتمى إِلَى الْقَوْم الَّذين هم فِي الْآخِرَة أطول أعناقا، وَإِن كَانُوا فِي الدُّنْيَا أضيق أرزاقا. مردد أذكار ومسبح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015