وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله بن الصايغ من أهل المرية

بَحر معرفَة لَا يفِيض، وَصَاحب فنون يَأْخُذ فِيهَا وَيفِيض، نَشأ بِبَلَدِهِ مشمرا عَن ساعد اجْتِهَاده، وسايرا فِي قنن الْعلم ووهاده، ومواصلا لأرقه وسهاده، حَتَّى أينع روضه، وفهق جوضه وأضاءت سَرْجه وتعطر أرجه. وَلما اسْتكْمل من المعارف مَا اسْتكْمل، وَبلغ مَا أمل أَخذ فِي إراحة ذَاته، وشام فوارق لذاته، ثمَّ سَار فِي البطالة سير الجموح، وواصل الغبوق بالصبوح، حَتَّى قضى وطره، وسيم بطره وَركب الْفلك، وخاض اللجج الحلك، وَاسْتقر بِمصْر على النِّعْمَة العريضة، بعد قَضَاء الْفَرِيضَة، وَهُوَ الْآن بمدرستها الصالحية، عمرها الله بِذكر نبيه المكانة، مَعْرُوف فِي أهل الْعلم والديانة، وصدرت عَنهُ إِلَى هَذَا الْعَهْد قصيدة نبوية، تغنى بهَا الْحَادِي المطرب، وكلف بهَا المصعد والمصوب، تدل على انفساح طباعه وامتداد بَاعه.

فِي وصف أبي عبد الله بن الْحَاج البضيعة

مُسَدّد الْمَقَاصِد، آخِذا للمعاني بالمراصد، وَكَاتب شُرُوط لَا يساجل فِي مضمارها، صِحَة فُصُول، وتوقيع فروع على أصُول، وَكلما طلب بالنظم القريحة، وأعمل فكرته الصَّرِيحَة، أجابت ولبت، وتسنمت ريَاح بَيَانه وهبت، وحفظت الْعَامَّة من كَلَامه لقُرْبه من أفهامها، وانتصاب غَرَضه لسهامها،

فِي وصف أبي عبد الله بن عِصَام

منتم إِلَى حسب ومجد، وفارع من الْأَصَالَة كل نجد، وَإِن نوزع فِيهَا بخصام، كَفاهُ قَاضِي الْقُضَاة أَبُو أُميَّة بن عِصَام، وَخَلفه الَّذِي رَأس من بعده، وَاسْتوْفى بمرسية حِصَّة سعده حَتَّى أَتَاهُ الْأَجَل لوعده، وَكَانَ هَذَا الرجل عدلا من عدُول بَلَده، وذاهبا من الْفضل إِلَى أقْصَى أمده، لَوْلَا تهور كثر وأفرط، وطيش

طور بواسطة نورين ميديا © 2015