قداحه، وَيُدبر أكواس الْبَيَان، ويشعشع راحه، فَأصْبح فِي دهره غرَّة، وبلبة عصره درة، إِلَى وقار تحسد الهضاب سكونه، وتهوى أَن تكونه، وإمتاع يحْسب كل سَائل، وَيُقِيم من المشكلات كل مائل، وأدب لَا تشح رهامه، وَلَا تتعدى الْغَرَض سهامه، صدر مفطمه فِي دوَل درسه، وإجناء ثَمَرَة الْعلم من غرسه، على جِهَة التَّعْلِيم والتدريب لمنتحلي الْبَيَان الْغَرِيب

فِي وصف الْحَكِيم المغربي أبي عُثْمَان بن ليون

مُجْتَهد مشمر منقبض متنمر، قصر على الْعلم أوقاته، وتبلغ بِالْقَلِيلِ فقاته، وَعَكَفَ على التَّقْيِيد والتدوين، واكتسب من الْأُمَّهَات كل ذخر ثمين وهلم جرا فقد اشْتهر بفوده صباح المشيب ونضا برده الزَّمن القشيب، وَمَا فتر عَن مُوَاصلَة اجْتِهَاده، وإيثار أرقه وسهاده. وَمَال إِلَى صناعَة الطِّبّ، فدون فِيهَا وشارك منتحليها، وَجعلهَا مَادَّة حَاله ومحط رحاله، وَله نظم حسن، وعارضة ولسن نظم بِهِ الْعُلُوم وَدون، وتقلب فِي شَتَّى المآخذ وتلونه، وبآخرة فَهُوَ رَوْضَة أنيقة، وخميلة وحديقة، وتقلب فِي شَتَّى المآخذ وتلون، وبآخرة فَهُوَ رَوْضَة أنيقة، وخميلة وحديقة، وضارب بِسَهْم فِي هدف كل طَرِيقه، وَقد أثبت من شعره يَسِيرا، جعلته للمحاسن إكسيرا.

وَمن ذَلِك فِي وصف الْمكتب أبي عبد الله بن أبي الْقَاسِم المالقى

مجود مرتل، وعابد متبتل، مشتغل بِمَا يعنيه، مثابر على مَا يزلفه من صَالح الْعَمَل ويدنيه، عكف على الْكتاب الْعَزِيز وشمر فِيهِ عَن قدم التبريز، وارتضاه الْوَزير ابْن الْحَكِيم إِمَامًا لصلاته، وَاعْتَمدهُ بجوايزه الجزيلة وَصلَاته. وَلم يزل يرفع بضبعه، حَتَّى عطف الدَّهْر بربعه، فَضَاعَ ضيَاع مِصْبَاح الصَّباح، ولعبت بِهِ الْأَيَّام كَمَا لعبت بالهشيم أَيدي الرِّيَاح، وتقلبت بِهِ أَيدي الزَّمَان وأحوجت الثَّمَانُونَ سَمعه إِلَى ترجمان، وَله أدب محتكم القوى، منيع الهضاب والصوى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015