فَمن ذَلِك مَا صدر عني مِمَّا ثَبت فِي
" كتاب التَّاج الْمحلي ومساجلة الْقدح المعلي "
فِي وصف أبي جَعْفَر بن الزيات
علم الْأَعْلَام، وخاتمة شُيُوخ الْإِسْلَام، تجرد لِلْعِبَادَةِ فِي ريعان شبابه، ولازم جناب الله وَأكْثر الْوُقُوف بِبَابِهِ، وَلم تزل الفتوحات القدسية، تعرض عَلَيْهِ أذواقها، والمحبة الربانية تطلع إِلَيْهِ أشواقها، وتدير لَدَيْهِ دهاقها، حَتَّى قلع لِبَاس البدنيات الدنيات، وَنزع نطاقها، وَبث أَسبَاب هَذِه الأكوان ذَوَات الألوان وأزمع فراقها، فَأصْبح فَردا تُشِير إِلَيْهِ الْأَبْصَار، وتنال ببركته الأوطار، وتجدي لرويته الأقطار، ودعى إِلَى السفارة فِي صَلَاح الْمُسلمين فَأجَاب، وسعى فِي إخماد الْفِتْنَة، فانجلى لَيْلهَا وانجاب، وأعمل فِي مرضاة الله لإقتاب، وخاض الْعباب، وَكَانَ ببلش بَلَده منتج رايد، ومعدن فرايد، وفجر الله ينابيع الْحِكْمَة على لِسَانه، وَجعل زِمَام الفصاحة طوع إحسانه، دون النّظم فِي شَتَّى الْفُنُون، وجلى أبكار المعارف، فوقد المطارف للعيون، وَكَانَ يقْعد بمسجدها الْجَامِع فيدرس ويحلق، وينعرب ويخلق، فَيَأْتِي من الْإِعْرَاب بالأغراب، وَيتَكَلَّم فِي التَّفْسِير بِغَيْر الْيَسِير، ويلمع من التَّعْلِيل لَا بِالْقَلِيلِ، وَيُشِير إِلَى فريقه برموز طَرِيقه، وَلما نَادَى بِهِ مُنَادِي فِرَاقه، وغيب الدَّهْر نور إشراقه، بَكت عَلَيْهِ هَذِه الربوع دَمًا، وَأصْبح وجودهَا عدما، وَقد أثبت من آدابه وشعره مَا يشْهد بسعة صَدره، وَيدل على قدره.
وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْحسن القيجاطي
أَخطب من صعد المنابر وارتقاها، وأفصح من هذب الْعبارَة وَأَلْقَاهَا، واستجادها وانتقاها، نجم ببادية الشرق، وتألق فِي أفقها تألق الْبَرْق، وَلم