فِي جبلك، الَّذِي يعْصم من الطوفان، ويواصل أَمنه بَين النّوم والأجفان، وَأَن أرى الْأُفق الَّذِي طلعت مِنْهُ الْهِدَايَة، وَكَانَت إِلَيْهِ العودة وَمِنْه الْبِدَايَة، فَلَمَّا حم الْوَاقِع، وَعجز عَن خرق الدولة الأندلسية الرافع، وأصبحت ديار الأندلس وَهِي بَلَاقِع، وَحسنت من استدعائك إيَّايَ المواقع، قوي الْعَزْم وَإِن لم يكن ضَعِيفا، وَعرضت على نَفسِي السّفر فَوَجَدته خَفِيفا، والتمست الْإِذْن حَتَّى لَا نرى فِي قبْلَة السداد تحريفا، واستقبلتك بصدر مشروح، وزند للعزم مقدوح، وَالله يُحَقّق الشُّمُول، [ويسهل بمثوى الأماثل] المثول، ويهيء من قبله الْقبُول وَالسَّلَام.

وخاطبته معزيا عَن أَخِيه عبد الْعَزِيز

(أَبَا ثَابت كن فِي الشدائد ثَابتا ... أُعِيذك أَن يلقى حسودك شامتا)

(عزاؤك عَن عبد الْعَزِيز هُوَ الَّذِي ... يَلِيق بعز مِنْك أعجز ناعتا)

(فدوحتك الْغِنَا طَالَتْ ذوابها ... وسرحتك الشما طابت منابتا)

(لقد هد أَرْكَان الْوُجُود مصابه ... وأنطق منا الشجو مَا كَانَ صامتا)

(فَمن نفس حرى أوثق الْحزن كظمها ... وَمن نفس بالوجد أصبح خافتا)

(هُوَ الْمَوْت بالإنسان فصل لحده ... وَكَيف نرجى أَن نصاحب فائتا)

اتَّصل بِي أَيهَا الْهمام، وَبدر الْمجد الَّذِي لَا يُفَارِقهُ التَّمام، مَا جنته على عليائكم الْأَيَّام، وَمَا اسْتَأْثر بِهِ الْحمام، فَلم تغن الذمام، من وَفَاة صنوك الْكَرِيم الصِّفَات، وهلاله وسطى الأسلاك، وَبدر الأحلاك، ومحير الْأَمْلَاك، وَذَهَاب السَّمْح الْوَهَّاب. وَأَنا لديغ صل الْفِرَاق، الَّذِي لَا يفِيق بِأَلف راق، وجريح سهم الْبَين ومحارب [سهم الْعُيُون] الْجَارِيَة بدمع الْعين، نقصد أنيس سد على مضض النكبة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015