الَّتِي لَا يلقاها إِلَّا ذُو حَظّ عَظِيم، وَجعل أقلامه جيادا لإجالة أمره الْعلي، وخطابه السّني فِي ميادين الأقاليم، وَوضع فِي يَده أَمَانَة الْقَلَم الْأَعْلَى، جَارِيا من الطَّرِيقَة المثلى، على النهج القويم، واختصه بمزية الشفوف على كتاب بَابه والتقديم، لما كَانَ ناهض الوكر فِي طلبة حَضرته من الْبِدَايَة، وَلم تزل تظهر عَلَيْهِ لأولى التميز مخايل هَذِه الْغَايَة. فَإِن نظم أَو نثر أَتَى بالقصائد المنقولة، والمخاطبات المصقولة، فاشتهر فِي بَلَده وَغير بَلَده، وَصَارَت أزمة السِّقَايَة طوع يَده، بِمَا أوجب لَهُ المزية فِي يَوْمه وغده. وَحين رد الله علينا ملكنا الَّذِي جبر بِهِ جنَاح الْإِسْلَام، وزين وُجُوه اللَّيَالِي وَالْأَيَّام، وأدال الضيا من الإظلام. كَانَ مِمَّن وسمه الْوَفَاء وشهره، وعجم الْملك عود خلوصه وَخَبره، فَحَمدَ أَثَره، وشكر ظَاهره ومضمره، واستصحب على ركابه الَّذِي صحب الْيمن سَفَره، وأخلصت الْحَقِيقَة نفره، وكفل الله ورده وصدره، مَيْمُون النقيبة، حسن الضريبة، خَالِصا فِي الْأَحْوَال المريبة، ناطقا عَن مقَامه بالمخاطبات العجيبة، واصلا إِلَى الْمعَانِي الْبَعِيدَة، بالعبارة الْقَرِيبَة، مبرز الخدم الغريبة، حَتَّى استقام الْعِمَاد، ونطق بِصدق الطَّاعَة الْحَيّ والجماد، وَدخلت فِي دين الله أَفْوَاجًا الْعباد والبلاد، لله الْحَمد على نعمه الترة العهاد، وآلائه المتوالية الترداد، رعى لَهُ أيده الله، هَذِه الْوَسَائِل، وَهُوَ أَحَق من يرعاها، وشكره الخدم المشكور مسعاها، فقصر عَلَيْهِ الرُّتْبَة الشماء الَّتِي خطبهَا بوفائه، وَألبسهُ أَثوَاب اعتنائه، وفسح لَهُ مجَال آلائه. وَقدمه أَعلَى الله قدمه، وشكر نعمه، كَاتب السِّرّ، وَأمين النهى وَالْأَمر، تَقْدِيم الِاخْتِيَار [بعد الاختبار] والأغتباط بخدمته الْحَسَنَة الْآثَار، والتيمن باستخدامه قبل الْحُلُول بدار الْملك والاستقرار، وَغير ذَلِك من مُوجبَات الإيثار. فليتول ذَلِك عَارِفًا بمقداره، مقتفيا لآثاره، مستعينا بالكتم لأسراره، والاضطلاعه بعظيم أُمُوره وكباره، متصفا بِمَا يحمد من أَمَانَته وعفافه ووقاره، معطيا هَذَا الرَّسْم حَقه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015