بَادر يعرف بِمن كَانَ من عمله فِيمَا لحق بِهِ من طَائِفَة الْغدر وإخوان الخديعة وَالْمَكْر، وَبعث إِلَيْنَا برؤسهم، مَا بَين ريسهم الشقى ومرءوسهم، وَقد طفا على جداول السيوف حبابها، وراق بحناء الدِّمَاء خضابها، وبرز النَّاس إِلَى مشاهدتها معتبرين وَفِي قدرَة الله مستبصرين، ولدفاع الله النَّاس بَعضهم لبَعض شاكرين، وأحق الله الْحق بكلماته، وَقطع دابر الْكَافرين. فَأمرنَا بِنصب تِلْكَ الرُّءُوس بمنسور الْغدر الَّتِي فرعته، وجعلناها علما على عاتق الْعَمَل السيء الَّذِي اخترعته، وشرعنا فِي معالجة الْكَلم، وأفضنا على الْعباد والبلاد حكم السّلم، فَاجْتمع الشمل كأحسن حَاله، وَسكن هَذَا الوطن بعد زلزاله، وأفاق من أهواله. ولعلمنا بفضلكم الَّذِي قضاياه شائعه، ومقدماته ذائعة، أخبرنَا كم بِهِ على اخْتِصَار، وإجتزاء واقتصار لييسر دينكُمْ المتين بتماسك هَذَا الثغر الْأَقْصَى بعد استرساله، وإشرافه على سوء مآله. وَكُنَّا نخاطب مَحل أخينا السُّلْطَان الْجَلِيل الْمُعظم، الأسعد الأوحد، الْخَلِيفَة أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبُو إِسْحَق ابْن الْخَلِيفَة الإِمَام الْمُعظم الْمُقَدّس أبي يحيى أبي بكر ابْن الْأَئِمَّة المهتدين وَالْخُلَفَاء الرَّاشِدين، وصل الله أَسبَاب سعده، وحرس أكناف مجده، لَو أننا تعرفنا مُقيما بِغَيْر تلكم الحضرة التونسيه، فاجتزأنا بمخاطبة جهتكم السنيه لتنوبوا عَنَّا فِي حفظ ملكه وعمادة دَاره، فَبين سلفنا وسلفكم الْكَرِيم، من الود الراسخ الْبُنيان، والخلوص الْأَثر والعيان، مَا يَدْعُو إِلَى أَن يكون سَبَب المخاطبة مَوْصُولا، وآخرة الود خير من الأولى، لَكِن الطَّرِيق جم الْعَوَائِق، وَالْبَحْر مَعْرُوف البوائق وَقبُول الْعذر بشواغل هَذَا الْقطر بِالْفَضْلِ لَائِق، ومرادنا أَن يتَّصل الود، ويتجدد الْعَهْد، وَالله عز وَجل، يتَوَلَّى أُمُور الْمُسلمين بمتعود إحسانه، وَيجمع قُلُوبهم، حَيْثُ كَانُوا على طَاعَة الله ورضوانه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015