فاقتضت نعامته الشاملة، ودولة بغيه الزائلة، وآراؤه الفائلة، أَن ضم مَا أمكنه من ذخيرة مكنونة، وَآلَة، للْملك مصونة، واستركب أوباشه الَّذين استباح الْحق دمايهم، وَعرف الْخلق اعتزاءهم للغدر وانتماءهم، وَقد سُلْطَان قشتالة، عَن غير عهد وَلَا ثِقَة، وَلَا مثلى طَرِيقه، وَلَا شِيمَة بالرعى خليقه، لَا كن الله عز وَجل حمله على قدمه لإراقة دَمه، وزين الْوُجُود بِعَدَمِهِ، فلحين قدومه عَلَيْهِ، راجيا أَن يستفزه بِعرْض، أَو يحِيل صِحَة عقده المبرم إِلَى مرض، ومؤملا هُوَ وشيعته الغادرة، كرة على الْإِسْلَام مجهزه، ونصرة لمواعيد الشَّيْطَان مستنجزة، تقبض عَلَيْهِ وعَلى شيعته، وصم عَن سَماع خديعته، وأفحش بهم الْمثلَة، وأساء بِحسن رَأْيه فيهم القتلة، فأراح الله بإبادتهم نفوس الْعباد، وَأَحْيَا بهلاكهم أرماق الْبِلَاد. وحثثنا السّير إِلَى دَار ملكنا، فدخلناها فِي الْيَوْم الاغر المحجل، وحصلنا مِنْهَا على الْفَتْح الهني الْمُعَجل، وعدنا إِلَى الأريكة، الَّتِي نبا عَنْهَا التمحيص، فَمَا حسبناه إِلَّا سرارا أعقبه الْكَمَال، ومرضا عاجله الإبلال، فثابت للدّين الآمال، ونجحت الْأَعْمَال. وبذلنا فِي النُّفُوس من الْعَفو مَا تغمد الذُّنُوب، وجبر الْقُلُوب، وأشعنا الْعَفو فِي الْقَرِيب والقصى، وألبسنا الْمُرِيب ثوب الْبري، وتألفنا الشارد، وأعذبنا الْمَوَارِد، وأجرينا العوايد [واسنينا الفوايد] إِلَّا مَا كَانَ من شرذمة عظمت جرايرهم، وخبثت فِي مُعَاملَة الله سرايرهم، وَعرف شومهم، وَصدق من يلومهم، فأقصيناهم وشردناهم، وأجليناهم عَن هَذَا الوطن الجهادي، وأبعدناهم.

وَلما تعرف سُلْطَان قشتالة باستقلالنا، واستقرارنا بِحَضْرَة الْملك واحتلالنا؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015