لأن شعاع العقل قد انقطع، وحال الغيم بينه وبين الفؤاد، فصار الفؤاد من الكافر في ظلمة الكفر، وهي
الغلفة التي ذكرها الله تعالى في التنزيل: (وقالوا قلوبنا غلف) وقال تعالى: (بل قلوبهم في غمرة من هذا). وصار الفؤاد من المؤمن في دخان الشهوات وغيوم الكبر، فذلك غفلة.
ومن الكبر أصل الغضب والكبر في النفس لما أحست بما ولي الله تعالى من خلقها، فيبقى ذلك الكبر فيها. فهذه صفة ظاهر الآدمي وباطنه. فوقعت الجباية من الله تعالى والخبرة على هذا الموحد، من كل ألف واحد، وبقى تسع مئة وتسعة وتسعون، رفع البال عنهم، وجعل باله لواحد من كل ألف من الآدميين، فقسم الحظوظ يوم المقادير بالبال، ورفض من لم يبال به، فخابوا عن الحظوظ، فلما إستخرجهم ذرية من الأصلاب استنطقهم، فاعترف له أهل الحظوظ من باله، طوعاً لقوله عز وجل حين قال: (ألست بربكم). واعترف من خاب عن الحظوظ، ومن لم ينل من باله بقوله: (بلى) كرهاً؛ فذلك قوله عز وجل: (وله أسلم من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً)، فيصيرهم فريقين: عن اليمين وعن الشمال، ثم قال تعالى: هؤلاء في الجنة ولا أبالي، أي لا أبالي بمغفرتي أن تنالهم؛ وهؤلاء في النار ولا أبالي، أي ولا أبالي بهؤلاء إلى أين يصيرون؛ ثم ردهم إلى صلب آدم عليه السلام، فيخرجهم في أيام الدنيا للأعمال وإقامة الحجة، فكل من وقعت عليه جبايته واختياره له، وصبغ قلبه، أي غمس قلبه في ماء الرحمة حتى طهر به، وهو قوله عز وجل (صبغه الله ومن أحسن من الله صبغة) ثم أحياه بنور الحياة، وقد كان قبل ذلك بضعة من لحم جوفاء، فلما أحياه بنور الحياة وفتح عينيه اللتين على الفؤاد، ثم هداه بنوره، وهو