رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، أخبرني عن ابني إن يك في الجنة لم أبك عليه، ولم أحزن، وإن يك غير ذلك بكيت عليه ما عشت في الدنيا. فقال: يا أم الحارث، إنها ليست جنة، ولكنها جنان، والحارث في الفردوس الأعلى. فرجعت وهي تضحك وتقول: بخ بخ لك يا حارث.
قال أبو عبد الله رحمه الله تعالى، فإنما وصل العبد لله هذه المنزلة بتلك النوار، ألا ترى إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هذا عبد نور الله عز وجل الإيمان في قلبه).
حدثنا أبي حدثنا محمد بن الحسن المكي، عن عبد العزيز بن أبي رواد، يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثل حديث يوسف، إلا أنه قال: (لكأني أنظر إلى ربي عز وجل فوق عرشه، يقضي بين خلقه). فقد أعلم أن الإيمان في القلب، ولا يستنير في الصدر، لإحاطة غيوم الشهوات، ورين الذنوب بالقلب في الصدر. حتى إذا تاب العبد صقل قلبه بالتوبة، فإذا جاهدها وراضها حتى ينقطع دخان شهواتها، وفوران الهوى، جاءت الأنوار مدداً للإيمان الذي في القلب، فصار القلب ذا شعاع وإشراق في الصدر. فإذا أشرق في صدره، فذلك عبد نور الله عز وجل الإيمان في قلبه، فلما نوره استنار في صدره، فصدرت الأمور إلى الجوارح
من ذلك النور، مع الخوف والخشية والحياء، فعملت الجوارح على الحدود والمقدار الذي أمر، مع البهاء والزينة.
وروي عن رسول الله صلى اله عليه وسلم: (إن العبد إذا أذنب ذنباً نكت في قلبه نكتة سوداء، فإذا عاد نكت أخرى، فلا يزال ينكت حتى يسود القلب كله، فإذا تاب ونزع وصقل