الخلق، وأحب الخلق إلى الله عز وجل أحسنهم خلقا، وينال بحسن خلقه درجة الصائم القائم وهو راقد على فراشه، لأنه قد رفع لقلبه علم، فهو يشهد مشاهد القيامة بقلبه، يعد نفسه ضيفا في بيته، ورحه عارية في بدنه، ليس بالمؤمن حقا من لم يكن حملانه على نفسه، الناس منه في عفاء، وهو من نفسه في عناء، رحيم في طاعة الله عز وجل، بخيل على دينه، حي مطواع، وأول ما فات ابن آدم من دين الحياء، خاشع القلب لله عز وجل، متواضع قد برئ من الكبر، قائم على قدميه، ينظر إلى الليل والنهار يعلم أنهما في هدم عمره، لا يركن إلى الدنيا ركون الجاهل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا جرم أنه إذا خلف الدنيا خلف الهموم والأحزان، ولا حزن على المؤمن بعد الموت، بل فرحه وسروره مقيم بعد الموت. حدثنا عبد الجبار بن العلاء بن يوسف بن عطية، قال: سمعت ثابتاً البناني رحمه الله تعالى يذكر عن أنس رضي الله عنه، قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي إذا استقبله رجل شاب من الأنصار، فقال
له النبي صلى الله عليه وسلم: كيف أصبحت يا حارثة؟ قال: أصبحت مؤمناً بالله عز وجل حقاً. قال: انظر ما تقول، فإن لكل قول حقيقته، قال: يا رسول الله، عزفت نفسي عن الدنيا، فأسهرت ليلي، وأظمأت نهاري، فكأني بعرش ربي بارزاً، وكأني أنظر إلى أهل الجنة كيف يتزاورون فيها، وإلى أهل النار كيف يتعاوون فيها، قال: أبصرت فالزم. عبد نور الإيمان في قلبه، فقال يا رسول الله، ادع الله لي بالشهادة، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنودي يوماً في الخيل، فكان أول فارس استشهد، وأول فارس ركب، فبلل أمه فجاءت إلى