رياض النفوس (صفحة 993)

وبالإيثار، فقلت: كيف يكون هذا؟ فقال لي: إذا كنت مع الأغنياء فكل بالتظرف لئلا يقولوا: الفقير ليس له همّة، فيمقتوا الفقر من أجلك. وإذا كان الطعام كثيرا والإخوان حضور، فانبسط معهم تسرّهم، وان كان الطعام قليلا، فآثر الجماعة / على نفسك.

وذكر عنه أنه أصابه المطر يوما، فآوى إلى كهف في سند جبل، فلم يلبث إلاّ قليلا، فإذا بأسد عظيم يزأر قد سدّ عليه باب المغارة، فمدّ يديه، وحرّك أذنيه وجعل يبصبص إلى زهرون ويلعقه بلسانه. قال زهرون: فكان الأسد في ناحية [وأنا في ناحية] حتى أتيت على حزبي من الليل وتهجدي، ولا والله ما عدا عليّ بمكروه وانه معي كالخروف، فلما كان في اليوم الثاني مررت ببعض القرى، فإذا بامرأة ما رأيت قط أجمل منها ولا أبهى، وقد خرجت من دار، فجعلت انظر إلى شكلها، حتى حاذيت كلبا، فهرّ نحوي ونبح عليّ وقام كالأسد العظيم وكبش عليّ فخرق لحمي ومزّقه، فرجعت على نفسي باللّوم والعتاب، وقلت (في نفسي): يا نفس [كنت] البارحة مع الأسد لم يعد عليك وقد أنس بك، فلمّا عصيت الله عزّ وجلّ في يومي هذا، ورميت ببصري إلى ما نهاني عنه سلّط عليّ هذا الكلب. اللهمّ إني تائب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015