رياض النفوس (صفحة 977)

وقد عاث / وأفسد، فقال له: ما يحلّ [لي] أن أمنعهم ما أباح الله تعالى لهم. لأن بلدكم هذا قد أخذته بلا عهد ولا عقد. ألم يشتم النبي صلّى الله عليه وسلم وأصحابه وعائشة أم المؤمنين وأنتم تسمعون ولا تغيرون؟ فقال له أبو محمد: كنّا مستضعفين. فقال له {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ ااسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها} ما أحد أضعف منّي ومن صاحبي، أنا أعرج وصاحبي أعمى، وقد قمنا بما يجب علينا من حق، فقال له: أيّها الأمير أحسن إلى أهل هذه البلدة، فقال له أبو عبد الله محمد بن سعيد الخشاب المؤدب: أتيناك بمديح، فقال: إني امرؤ لا أقبل المديح، فقلنا له: في الدّين، فقال: هات فتكلم كلاما بالبربرية أظنه قال: اسكتوا، فصاح العسكر صيحة عظيمة حتى ظننا أن الدنيا [قد] انطبقت. ثم سكتوا حتى لا يسمع صوت أحد، وأصغى إلى أن أنشدته إياها وأولها:

*ألا يا عباد الله قوموا فجاهدوا*

قال: فلما أتممتها صاح بقوم فقال لهم: نادوا في القيروان بأن لا يبقى أحد فيها من العسكر، (ففعل ذلك)، فخرجوا في الوقت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015