وله في هذا المعنى كثير. وكان يصنع الشعر ويجيده على معاني أهل النسك والمترققين، فمن (ذلك) قوله في نعت الناسكين:
طورا يصول وطورا يألف الكمدا ... صبّ مشوق يعاني القرب والبعدا
ويحي لما حلّ بالمشتاق من كمد ... يبكي الرسوم فيا ويحي له كمدا
يا حسنه وسواد الليل منسدل ... فرد يلوذ بمولاه وقد سهدا
يتلو الكتاب بترجيع الخطاب متى ... مرّ الشفاء على هذا الهوى ركدا
لو إذ تراه إذا ما الوجد خامره ... أو قد تراه إذا ما حنّ أو سجدا
خلت الشموس دياجي عند زهرته ... أو خلت كلّ الضيا من نوره صعدا
يجني الثمار لدى الرّوضات عرفهم ... يبري السقام ويدعو ماجدا صمدا
/ حتى إذا حلّ في صفو الصفاء بدا ... باد من الحق يدنيه إذا شردا
للعلم أوقفه وقفا بلا جزع ... ذاق الأمان وللإجلال قد رغدا
فالأنس ينطقه والقدر يخجله ... والبرّ يبهته والفهم قد حمدا
لما صفا في الوفا غابت حساسية ... وغاب عنه الذي لولاه ما شهدا
فالقرب معدنه والغيب مشهده ... والصحو منهجه للحق منفردا
صبّ تراه إذا ما حلّ ذو لدد ... يبدي البيان بيانا شافيا مددا
نطّاق بالحق تيّاه بلا صلف ... ثبات نور يرى في لحظة رشدا