رياض النفوس (صفحة 940)

ابن أبي يعقوب الدّقاق.

وأما كلامه بالحكمة ومواعظه فكثير، منه هذه الخطبة:

الحمد لله [الواحد] الرحمن، الفرد الدّيان، الصمد الموجود [بكل مكان]، الحي المعبود الذي كشف / الأغطية عن قلوب أهل خالصته فأبصرت، وفتح بأنوار الإيمان دياجيها فأشرقت، ونزع عنها قناع الجهل فأسرعت، ودعمها برفيع العلم فتأيّدت، وجالت بنوافذ لمحاتها في الملكوت فأيقنت، فغدت لدى تكوين الرياضات مشربها، وجلّ بفضل العزيز في المعارف خطبها، حتى أحلّهم - تعالى - برياض ونهر مبرّته، وكساهم حلل أهل معرفته، وتوّجهم بتيجان أهل مودّته، ومكّن رتبهم بأوطان الصديقين، وسقاهم صفوا من شراب المقرّبين، وأوزعهم الشيم الزكية، والأخلاق الرضيّة؛ عند تلوين الأقدار، وتصرف الاختيار، فجعلهم في الدار أوتادا، وله عبيدا أوحادا، لا يفزعهم دونه صوت ملك (جبّار)، ولا صولة ذي سلطان قهّار، إذ هو - تعالى جلّ وعزّ - حصنهم الذي لا يضام، وكهفهم الذي لا يرام: {أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ثم أحلّهم - تعالى - بما به آمنوا من دار الأمان، وأشهدهم مصداق وعده هناك بالعيان، منّا منه عليهم وتطوّلا منه لديهم، / وإحسانا منه إليهم، سبحانه لا إله إلاّ هو الرحمن الودود.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015