رياض النفوس (صفحة 878)

ما الذي يورث النفوس الهموم؟ فقال لي: ثلاث، تذكار ما سلف (من الذنوب)، وتذكر الحالات، وخوف الخاتمات.

حدثنا أبو علي القمودي السوسي قال: كان قوم يسمعون العلم على أبي جعفر، فاجتمعوا يوما على بابه ينتظرون الإذن لهم في الدخول، فسمعوا في داخل الدار صوتا عاليا وهو يقول: يا زانية، يا بنت الزانية، يا بنت الشيخ السوء، فنفرت أنفسهم وقالوا: من هذا الذي سفه في دار الشيخ؟ فلمّا أذن لهم في الدخول، ودخلوا عليه قالوا له - أصلحك الله عزّ وجلّ - سمعنا في دارك صوتا عاليا بالشتم، فقال لهم - تلك الزانية: ابنتي، وأمها الزانية: زوجتي، والشيخ السوء: أنا، والشاتم صهري، ولكن لا تجعلوا من عاداتكم الاستماع إلى ما في ديار الناس.

وكان يقول /: من زعم أن الرزق لا يأتي إلاّ بالاضطراب فقد أخطأ، ومن زعم أن التوكل لا يكون إلاّ بترك الاضطراب فقد أخطأ - يريد أن الإنسان يسلّم إلى الله عزّ وجلّ ولا يجعل التوكل في شيء معين.

قال القاضي عبد الله بن هاشم: حدثني أبو بكر هبة الله بن محمد بن أبي عقبة قال: خرجنا مرة نريد الرباط، وفي جماعتنا أبو جعفر، فاشترينا من بعض القرى خبزا، فلما قدمناه لنأكله نظر إليه ابن أبي خالد فقال: ويحكم كيف تقدرون على أكل هذا الخبز؟ قلنا وما له؟ قال: أو ما ترونه؟ قلنا له: ما نرى إلاّ خبزا قال: لكني والله أراه أسود منتنا، (قال): فأردناه على الأكل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015