رياض النفوس (صفحة 836)

ابن نصر السوسي] بمجلس قضائه في جامع مدينة سوسة - عمرها الله - إذ دخل عليه أبو جعفر القمودي وقد ارتدى برداء صوف فسلم عليه فأدناه وقرّب مجسله وأقبل عليه [يحدثه] ثم سأله أبو جعفر في رجل سجنه الحسن وقال له:

إن له والدة قد أكثرت من البكاء عليه، وشفع له عنده، فقال له الحسن:

سجنته في حق لغيري وليس [هو] لي وامتنع من تخليته / فانصرف أبو جعفر وقد وجد في نفسه، فلما حاذى الماجل عاتب نفسه ووبّخها بأن قال لها: بأي شيء تجدين على الحسن وهو أعلم منك وأفضل، وقد قضى بالحق، ثم تحرّج من موجدته وعاد وما استطاع المضي حتى رجع إليه مبادرا من عند الماجل فعرّفه بما حدثته نفسه، ثم قال له: نعم ما فعلت إذ لم تتركه، جازاك (الله) خيرا عن نفسك وعني، ففعلك هو الحق والصواب ولكن مخالفة النفوس فيها مشقة.

ثم تزايد حاله إلى أن بلغ الغاية من الكدّ والاجتهاد في العبادة، ولمّا مات رحمه الله تعالى وجد الناس جسمه قد اخضرّ مما نهكته العبادة.

ونفر الناس إليه من القيروان (لمّا بلغهم موته) من صلاة الظهر إلى العشاء الآخرة فأتوا باب سوسة سحرا، فقال البوابون: لم يمت، فانتظر الناس إلى طلوع الشمس، فمات رحمه الله تعالى.

وقدم سعدون الخولاني مع أهل القصور في عدد عظيم وقد أشرق بنور الله عزّ وجلّ الفحص من نور وجوههم من قيام الليل وصيام النّهار، فدخل عليه سعدون / الخولاني، وأبو جعفر مسجّى، وأبو عبد الله الحذّاء يقرأ عند رأسه:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015