رياض النفوس (صفحة 829)

بأبي جعفر إلى دراهما، فأقام ساكنا بها معهما إلى أن مات - رضي الله عنه وأرضاه - / فدارهم تعرف بدار الشيوخ إلى الآن بمدينة سوسة.

قال أبو عبد الله محمد بن عمرون السوسي: كان ببلدنا أبو جعفر القمودي، فكان يشبّه بالعابدين في الكدّ والاجتهاد في العبادة وكان له ذكر بالمشرق والمغرب، فقال ذات يوم لأصحابه، لما دخلوا عليه: اتقوا الغيبة، فإنه اغتيب عندي رجل، فلم أساعدهم ولا أنهاهم فنمت، فأتاني آت [في منامي] وفي يده طبق فيه لحم، فقال: يا أحمد كل هذا اللحم، إن هذا الدين مثل العين غبارة تعكرها، فقال أصحابه: نبه والله الشيخ من ليلته.

قيل لبعض أهل الرقة: من أشجع الناس - قال: من جاهد الشيطان عن طاعة ربه، واحترس من ورود خواطر الهوى على قلبه.

حدث أبو محمد عبد الله بن يقظان السوسي قال: قدم أخوان من تجار أهل الأندلس (في مركب) فوقعوا في مدينة عبيد الله، فغصب متولي الموضع رحلهم، فطلبوا إليه أن يردّ إليهم شيئا منه فأبى، فقال أحدهم للآخر: امض [بنا] إلى عبّاد المنستير نسألهم في الدعاء فإن الله عزّ وجلّ يجيب دعاءهم، فأتى الرجل إلى / المنستير فسأل شيوخها فدعوا له ثم قالوا له: امض إلى سوسة إلى أبي جعفر القمودي فدعاؤه مستجاب، إن شاء الله تعالى، فإن تعذّر عليك الدخول إليه فارفع صوتك وقل: أنا رجل مضطر جئت أسأل في الدعاء فمنعت وحجبت. قال أبو محمد: وكذا كان شأنه، قل ما يفتح لأحد إلاّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015