رياض النفوس (صفحة 828)

وذكر عنه أنه كان يخدمه رجل من إخوانه فسخّن له ماء في يوم بارد لوضوئه للصلاة فأخذ أبو جعفر ليتوضأ به فرآه سخنا فقال: من سخن هذا [الماء]؟ فقال له: أنا - أصلحك الله -[فإني] رأيته يوما باردا فسخنته [لك] فقال له: لا تعد [لذلك] إنّا نحن ننظر في زيادة الحبّة والحبّتين.

قال: أرى أبا جعفر تأوّل الحديث الذي جاء في فصل الوضوء في السّبرات.

وكان أول سكناه بقصر زياد وكان سبب خروجه منه أن عبيد الله السلطان أخلى القصر من سكانه المرابطين وجعله مخزنا لعدة البحر، فأخرج كلّ من في القصر غير أبي جعفر القمودي ما جسر عليه أحد يخرجه فأقام / به مدة وحده وهو يظن أنه عامر بأهله لانفراده في بيته وشغله بعبادة ربه، فخرج يوما يتوضأ للصلاة فتأمل القصر فرآه خاليا لا أنيس به، فقال: ما بال الناس؟ فقيل له: أخرجوا ولم يبق [فيه] غيرك، فقال: وما الفرق بيني وبين إخواني المسلمين؟ فأخذ ركوته وجلدا مصوّفا كان عنده وخرج إلى قصر الطوب المجاور لمدينة سوسة فبلغ خروجه أبا جعفر الأربسي، وكان فقيها [متعبدا، وأبا قحطان قائدا أخاه، وكان فقيها] وغيرهما من أهل العلم والخير، فخرجوا إليه إلى قصر الطوب، فلما وصلوا سألوا عنه رجلا كان يخدمه فقال لهم: لي أربع عشرة سنة أخدمه ما رأيته قط وجد راحة في النهار (إلاّ الساعة) وقد نعس، فاقعدوا (فقعدوا) ساعة حتى قام من نعسته، فسألوه ورغبوا إليه (في) أن يرجع معهم وسأله كلّ إنسان منهم أن يكون عنده، فقال لهم: دعوني مع صاحبي - يعني أبا جعفر الأربسي - فرجع أبو جعفر وأبو قحطان ولدا سعدون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015