رياض النفوس (صفحة 82)

أحد، ثم نادى بأعلى صوته وهو يشير بسوطه: «السلام عليكم ورحمة الله! » فقال له بعض أصحابه: «على من تسلم يا ولي الله؟ » فقال لهم: «على قوم يونس وهم من وراء هذا البحر، ولولاه لوقفت بكم عليهم»، ثم رفع يديه إلى السماء، ثم قال:

«اللهم اشهد، أني قد بلغت المجهود، ولولا هذا البحر لمضيت في البلاد أقاتل من كفر بك حتى لا يعبد أحد من دونك».

ثم رجع إلى إفريقية. فلما دنا منها أذن لمن معه من أصحابه أن يتفرقوا ويتقدّموا فوجا فوجا إلى إفريقية، فلما انتهى [إلى] ثغر إفريقية وهي «طبنة» أذن لمن بقي معه بالانصراف إلى القيروان، ومال في خيل يسيرة يريد «تهودة» لينظر قدر ما يكفيها من الخيل، [فلما انتهى إليها نظر الروم إلى قلة من معه من الخيل] فقالوا: إن في [قتل] هذه الخيل قتل أهل الأرض، وظنوا أن ذلك عسكره فأغلقوا باب حصنهم ورموه بالحجارة وشتموه، وهو يدعوهم إلى الله وإلى رسوله، فلما توسط البلاد نزل، فبعثت الروم إلى «كسيلة الأوربي» فأعلموه بقلة من معه، فجمع له جمعا كبيرا من الروم والبربر، وزحف إليه ليلا حتى نزل بالقرب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015