رياض النفوس (صفحة 80)

فسماه الناس، إلى اليوم، «وادي سهر»، لأنهم سهروا عليه، فلما صلّى عقبة الصبح أمر المسلمين بقتالهم، فقاتلوهم قتالا ما رأى المسلمون مثله قط، حتى يئس المسلمون من أنفسهم، ثم أعطاهم الله عزّ وجلّ النصر والظفر، فانهزم الروم [وقتل فرسانهم وأهل النكاية والبأس منهم] واستولت الهزيمة على بقيتهم. وفي هذه الغزوة ذهب عز الروم من «الزاب» وذلوا وتحصنوا، [فكره عقبة المقام عليهم وقد تحصنوا].

ورحل منها يريد المغرب حتى نزل «تاهرت»، فاستغاث الروم بالبربر، فأجابوهم ونصروهم، فقام عقبة في الناس خطيبا، فحمد الله تعالى وأثنى عليه، وقال:

«أيها الناس! إن أشرافكم وخياركم، الذين رضي الله تعالى عنهم وأنزل فيهم كتابه، بايعوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم «بيعة الرضوان» على [قتال] من كفر بالله إلى يوم القيامة، وهم أشرافكم والسابقون منكم إلى البيعة، باعوا أنفسهم من رب العالمين بجنته بيعة رابحة. وأنتم اليوم في دار غربة [وإنما بايعتم رب العالمين، وقد نظر إليكم في مكانكم هذا، ولم تبلغوا هذه البلاد إلا طلبا لرضاه وإعزازا لدينه. فأبشروا! فكلما كثر العدو كان أخزى لهم وأذل، إن شاء الله تعالى. وربكم - عزّ وجلّ - لا يسلمكم، فالقوهم بقلوب صادقة، فإن الله - عزّ وجلّ - جعلكم [أولي] بأسه الذي لا يرد عن القوم المجرمين، فقاتلوا عدوكم على بركة الله وعونه].فالتقى المسلمون معهم، فقاتلوهم قتالا شديدا، [فلم يكن لهم بقتال العرب من طاقة] فولّى الروم هاربين، ومات منهم ومن البربر [عدد عظيم] وقتلوا قتلا ذريعا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015