رياض النفوس (صفحة 77)

مسجد الجماعة، بعثتم عبد الأنصاري فأهانني وأساء عزلي»، فغضب يزيد وقال: «أدركوها قبل أن يخربها» ورد عقبة إليها، وأزال مسلمة عنها، وأقره بمصر، وذلك سنة اثنتين وستين.

وقدم عقبة إلى القيروان بعشرة آلاف فارس، فأخذ أبا المهاجر فحبسه وقيده، وأخذ ما معه من الأموال، فكانت مائة ألف دينار. وجدد بناء [القيروان] وشيدها، ونقل الناس إليها، فعمرت وعظم شأنها.

ثم خرج بأصحابه وبكثير من أهل القيروان إلى المغرب، واستخلف عليها عمر بن علي القرشي وزهير بن قيس البلوي، وخرج بأبي المهاجر معه موثقا، فدعا بأولاده وقال لهم:

«إني بعت نفسي من الله، وما أدرى ما يأتي / عليّ في سفري»، ثم قال: «يا بني أوصيكم بثلاث خصال فاحفظوها ولا تضيعوها: إياكم أن تملئوا صدوركم بالشعر وتتركوا القرآن فإن القرآن دليل على الله عزّ وجلّ، وخذوا من كلام العرب ما يهتدى به اللبيب ويدلكم على مكارم الأخلاق، ثم انتهوا عما وراءه، وأوصيكم أن لا تداينوا ولو لبستم العباء، فإن الدّين ذل بالنهار وهمّ بالليل، فدعوه تسلم لكم أقداركم وأعراضكم، وتبق لكم الحرمة في الناس ما بقيتم، ولا تقبلوا العلم من المغرورين المرخصين، فيجهّلوكم دين الله ويفرقوا بينكم وبين الله تعالى؛ ولا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015