رياض النفوس (صفحة 708)

محزّم الوسط بمنطقة، وكان يستظل بظل محملي. قال أبو عثمان: فقال لي يوما / - وهو تحت ظل محملي -: يا أبا عثمان ما يقول أصحابكم - أصحاب الحديث - في القناعة؟ قال أبو عثمان: فقلت له من تلقائي: القناعة غنى، لأنه من قنع بما في يديه استغنى عمّا في يد غيره. قال: فقال لي: لكن أصحابنا السواديين يقولون: القناعة فقر، لأن كل من قنع لا يطلب ومن لم يطلب لا يكسب ومن لم (يكسب) فهو فقير، قال: أبو عثمان:

فسكتّ عنه ولم أكلمه بشيء، قال: فنزل إلى القيروان - (وكان له ريع) - فباع فندقا له في باب سلم، وباع دارا له وغير ذلك، ثم اشترى ثلاثين حملا حتى كملها مائة جمل بأحمالها وأعوانها، ثم توجّه يريد بلد السودان. قال أبو عثمان: فانقطع خبره من الوقت الذي خرج فيه إلى هذا الوقت فما أدرى ما فعل الله تعالى به وبجميع ما معه، قال: فذكرت خبره لبعض من يسافر إلى تلك الجهة، قال: يقال إنه نزل في بعض الرمال فأسفت عليهم الريح فدفنتهم أجمعين. قال أبو عثمان: فوقع في قلبي أنه عوقب بما كلّمني به في القناعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015