رياض النفوس (صفحة 580)

الإنسان أفعاله القبيحة؟ أما يدخل هذا في حديث ابن عمر الذي قال فيه:

«من المجانة أن يعمل الإنسان عملا بالليل فيصبح يخبر به»؟ فقال الشيخ أبو الحسن: «إن أفعاله كانت ظاهرة غير مستترة عليه» فقيل له: «وقد أخبر هو بها في شعره لمن لم يكن يعلمها [منه]، فقال: «إنه لو لم يخبر بها هو من لم يعلمها لبلغته من غيره».

وقيل: إنه كتبت إلى أبي عقال أخته من القيروان إلى مكة كتبا كثيرة، بعد توبته وإنابته، تسأله وترغب إليه في الرجوع إلى المغرب لتجتمع به وتسر برؤيته قبل أن يفرق الموت بينهما، فكل كتاب وصل إليه منها ألقاه من يديه ولم يقرأه. فلما طال ذلك عليها أوصت إليه بغير كتاب [ورغبت إليه] وقالت:

«بحق الثدي الذي رضعته معك إلا أريتني وجهك قبل الموت وفراق الدنيا! ما لك؟ في حين صباك وجناياتك وكثرة ما يطرأ علينا بسببك كنت عندنا، وحين صرنا نفتخر بك ونتبرك برؤيتك فارقتنا؟ » فقال لرسولها: «قل لها ما كنت لأدع بلدا عرفت الله عزّ وجل فيه وأمضي إلى بلد عصيت الله تعالى فيه. أخشى أن تقتضيني العوائد».

ثم قدمت عليه أخته بعد ذلك من المغرب وأقامت [معه] بمكة حتى ماتت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015