رياض النفوس (صفحة 573)

وفتح بها عليكما»، فنظر إليّ أبو هارون نظرة منكرة وقال: «يا ورنيدة لم تدفع إلى السائل الستة دراهم كاملة؟ أما إنك لو دفعتها إليه كاملة لجاءتك ستون دينارا موفرة».قال: ففرقناها على من كان في الرفقة [معنا] من الضعفاء والمساكين ولم نخرج من قابس ومعنا منها إلا التافه اليسير. فكنت معه تحت رفق الله عزّ وجل وتحت ستره حتى وصلنا [إلى] مكة».

قال أبو بكر بن سعدون: رأيت أبا عقال على جبل الرحمة يوم عرفة جاثيا بين يدي الله عزّ وجل على ركبتيه، باسطا ذراعيه، شاخصا ببصره ودموعه سكبا. فقلت له: «يا أبا عقال، إنه يوم عظيم، ألا تدعو؟ » فقال لي: «يا ابن سعدون، هو يعرف حاجتي وفي أي شيء جئت».

وقال أبو ميسرة: سمعت أبا عقال [يقول]: «لو سبقني أحد لجلست مع المبتلين الذين قد أيس لهم من البرء، وأمسكت في يدي جرسا كما يفعل المجذومون الذين قد ذهبت أعينهم وأيديهم وأرجلهم، فإن قال لي قائل: «وأنت أين بلاؤك؟ » قلت له: «أنا بلائي [في قلبي] لا يرجى له برء أبدا».

قال أبو ميسرة أحمد بن نزار الفقيه: «وافيت أبا عقال (بمكة، فسلمت عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015