رياض النفوس (صفحة 572)

قال أبو عقال: «فكنت معه حتى أتانا الخبر بأن رفقة الحاج خرجت من القيروان فوافيناها بقابس، فلما كان في الساعة التي نزلنا بها في طرف مناخ الرفقة - وقد هلكت جوعا - قال [لي]: «يا بني، خذ هذه الستة دراهم فاشتر بها ما نأكلوا فو الله ما أملك غيرها».قال أبو عقال: فلما أخذتها واستقرت في يدي إذا بسائل قد وقف إليه، فقال له: «عسى يحضرك شيء لله عزّ وجل»، فقال لي:

«ادفع إليه تلك الستة دراهم».قال: فأمسكت يدي وقلت في نفسي: «نحن البارحة لم نطعم، وأنا لا أرى أين أضع قدمي من الجوع»، فأمسكت يدي عن الستة دراهم، فانتهرني وقال: «ادفعها [إليه] كما أمرتك» قال: فدفعت إليه خمسة دراهم وأمسكت درهما دون علمه.

قال: «فو الله ما مشى السائل قليلا ولا توارى حتى سمعنا صائحا يصيح باسم أبي هارون واسمي فقلت له: «ألا تسمع هذا الذي يصوت بنا؟ » فقال [لي]:

«الساعة ينتهي إليك»، والرجل يكثر الصياح باسمينا ويسأل أهل الرفقة في المناخ عنّا، فقلت له: «أقول لبيك وأجيبه؟ » فقال لي: «لا تكن عجولا»، حتى وقف الصائح بنا وسلم علينا وقال: «هذه خمسون دينارا مثاقيل بعث بها إليكما فلان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015