رياض النفوس (صفحة 563)

قال أبو الحسن: فوصل الشيخان إلى القيروان فتشرق أحدهما وتمعزل الآخر. وكان يحضره الشيخ أبو عليّ بن خلدون، فقال للشيخ أبي الحسن:

«من الشيخان؟ » فقال: «فلان وفلان» قال: فعرفهم الشيخ ابن خلدون وجماعة ممن حضر من أهل العلم.

قال أبو عقال بن غلبون: قال أبو هارون الأندلسي: «يا أبا عقال، نصحبك صحبة موسى عليه السلام للخضر: لا تسألني عن شيء ولا اسألك عن شيء»، فعملت - أنا وهو - في الإجارة، فاشترينا رأسا وخبزا، فلما أن وضعناه بين أيدينا لنفطر عليه وقف به سائل، فدفعه إليه وبقينا بلا شيء. ثم عملنا اليوم الثاني ففعل كما فعل في اليوم الأول، ثم فعل في اليوم الثالث كذلك، وبقينا بلا شيء. فلما أن صلينا في المسجد الحرام المغرب وخرجنا إلى بيت نسكنه قلت له: «يا أبا هارون، أصابني الجوع» فتبسم وقال: «يا أبا عقال، الذي أجاعك أليس يعلم أنك جائع؟ تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك؟ إنما تنال الآخرة بالصبر، ليس تخسر معه شيئا. إنه لا يضيع أجر المحسنين».قال: فلم يتم الكلام حتى ضرب الباب، فقال لي: «قم اخرج فخذ هذا الذي جاءك»، فقمت فإذا بمائدة مغطاة على رأس خادم عليها أطعمة من الحلوى والأشوية، فقال الغلام: «سيدي يقرأ عليكما السلام ويقول لكما: اقبلا هذا الطعام»، فدخل بالمائدة فوضعها. قال أبو هارون: «يا ابن غلبون،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015