رياض النفوس (صفحة 564)

مثل هذا الكريم يعامل ويتاجر [معه].أيهما أكثر: أهذا أم الذي أعطيت؟ والذي يعطيك غدا أكثر من هذا. اخرج إلى محمد بن أحمد السّدري وإلى محمد بن الكاتب وإلى إخواننا كلهم فادعهم يأكلوا معنا. ليس لنا منه إلا شبعة، وشبعة نشبعها غدا في دار الخلود إن شاء الله تعالى»، فأقبلوا فأكلوا منه ولم يبق منه شيئا.

قال أبو بكر بن سعدون: فكنّا في المسجد الحرام جلوسا مع أبي هارون وأبي عقال ومحمد بن أحمد السدري وقوم صالحين، حتى قدم رجل خراساني فسأل عن أبي هارون فقيل له: «ها هو ذا» فدفع إليه خريطة فيها دراهم فقبضها منه وفرغها في ركوته، وأقبل يعطي كل من مر به، ثم أعطى منها قبضة دراهم لمحمد بن أحمد السدري ثم قال له: «ايتنا بأطيب طعام في السوق» فجاء بشواء وحلوى ورقاق وخبز حوّاري وفاكهة ثم وضعها بين أيدينا، والخراساني جالس ينظر، فقال أبو هارون: «كلوا هذه فهي من الله أتتنا، يجازي الله صاحبها بالجنة لأنه قارضه».

ونظرت إلى أبي عقال وبيده عنقود عنب وهو يقول لهم: {(وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ)}.جعلنا الله يا أبا هارون نجتمع في هذه الدار كما جمعنا حول هذا البيت العتيق».ثم قال الخراساني: إنه لم يبق في الركوة من الدراهم شيء، إنما أعطيتها لك»، فقال له أبو هارون: «أعطيتها لمن يجازيك عليها ويكافئك بها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015