رياض النفوس (صفحة 549)

قال أبو جعفر أحمد بن أبي سليمان، فيما أوصى به لطالب العلم: يا طالب العلم، إذا طلبت العلم فاتخذ له قبل طلبه أدبا تستعين به على طلبه، واتخذ له بعد طلبه أدبا تستعين به على حمله. ومن أدب العلم الحلم، والحلم كظم الغيظ، وأن يغلب علمك وحلمك هواك إذا دعاك إلى ما يشينك. وعليك بالوقار والتعفف والرزانة والصيانة والصمت والسمت الحسن، والتودد إلى الناس ومجانبة من لا خير فيه، والجلوس مع الفقهاء ومحبة الأخيار، ومنابذة الأشرار والقول الحسن في إخوانك والكف عمن ظلمك. ولا تهمز أحدا بقول ولا تلمزه ولا تقل فيه ولو كان عدوك. فإن فعلت ذاك شرفت عند العقلاء، وعرفت حقك الجلساء، ولحقت بالعلماء، وهابك السفهاء، وحللت محل الأبرار، وبرئت من الأشرار. فافهم وتفهم واستعن بالله يعنك».

قال أبو الحسن عليّ بن محمد: وجدت رقعة في مسجد أحمد بن أبي سليمان مكتوب فيها:

يا لذة قصرت وطال بلاؤها ... عند التذكر في الزمان الأول

لما تذكرها وقال ندامة ... من بعدها: يا ليتني لم أفعل!

قال: فقلت لأحمد: «أهذه من قولك»؟ قال: «نعم».

قال أحمد: رأيت في منامي كأن صحن مسجدي امتلأ زبلا، ورجلان في ناحية منه يتحدثان باليهودية، فلما أصبحت جاء رجل فأخذ مفتاح المسجد فأذن، فقمت فخرجت إلى المسجد فإذا صحنه ملئ بناس متبيضين، فلما صلّوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015