قيض الله تعالى له من رزقه كما قد رأيت ولم يضيعه، فكيف أضيع أنا؟ لله عليّ أن لا أدع مدينة الرباط إلى غيرها أبدا».فأقام بمدينة «سوسة» واشتهر بها حتى مات، رحمه الله تعالى.
وكان إبراهيم الأمير يزوره، فإن وجده يطحن قوته بيده جلس على التراب، وإن وجده فارغا جلس على جلد المطحنة، لأنه لم يكن في بيته حصير ولا غيرها، وكان إذا عرضت للمسلمين حاجة، لله فيها رضى، كتب إليه فيها بالفحمة في شقفة.
قال عبد الوهاب الزاهد: قمت إلى برج وهو على شاطئ البحر، فإذا أبو الأحوص بين شرافتين في سواد الليل ودوي البحر وهو يقول:
أبوا أن يرقدوا الليل ... فهم لله قوّام
أبوا أن يفطروا الدهر ... فهم لله صوّام
أبوا أن يخدموا الدنيا ... فهم لله خدّام
ثم يقول: «لا إله إلا الله، والله أكبر ولله الحمد» ثم اندفع في النياحة، ثم سمع حسّي فقال لي: «من أنت؟ » فقلت: «أنا عبد الوهاب» فقال: «يا بني يا أبا القاسم، إنما تقطع الدنيا بالهموم والأحزان والعلل والأمراض والأنكاد، وإنما