كان [رجلا صالحا] ثقة مأمونا فقيها. قال أبو العرب: وكان سعيد بن الحداد يقول: «ما سمعت الدنيا تذكر عنده قط».ولقد كان من تواضعه يحمل الخبزة على يده إلى الفرن فيراوده الطلبة على أن يحملوها له فيأبى إلا أن يحملها بنفسه تواضعا.
قال أبو سنان: كان بالمدينة رجل يصلي كل وقت تحل فيه الصلاة، فإذا جاء وقت لا تحل فيه الصلاة ألقى ظهره على الحصى في المسجد ورفع رجله على جدار المسجد ثم قال: اللهم امنن عليّ بلقائك حتى أستريح، فإنه لا راحة لمن عرفك حتى يلقاك.
قال سليمان بن سالم: قال لي أبو سنان: «يا سليمان، إذا كان طالب العلم قبل أن يتعلم مسألة في الدين يتعلم الوقيعة في الناس، متى يفلح؟ ».
وكان، رحمه الله تعالى، لا يتكلم أحد في مجلسه بغيبة أحد، وإذا هم بذلك أحد نهاه وأسكته.
قال أبو سنان: كتب إليّ عبد الرحمن بن أبي الغمر كتابا، فكان فيما كتب به إليّ: «عليك يا أخي بنفسك، فلها فاعمل، وعلى حظها فاحرص، وعلى دوام بقائها بالنعيم المقيم فقم لها بذلك، فكأن قد حجبت عن القيام بما ذكرت لك