قبلي، فدخل يوما فجلس محتبيا، فطوى الكتاب وجعله بين عينيه وعليه كآبة وحزن، فما جسر أحد منا [أن] يسأله، حتى دخلت الشمس البيت؛ فقرع الباب، فقيل: «من؟ » فقال: «غلامك فلان في منزل صقلاب»؛ فدخل الغلام، فقال له سحنون: «ما وراءك؟ » فقال: «هلك الزوج الفلاني، وماتت الخادم الفلانية، وقطع لك البين - يعني الريح - نحو خمسين ومائة شجرة»، فتهلل وجهه وظهر سروره ودفع الكتاب الذي يقرؤه، ولما فرغ من القراءة قلنا له: «أصلحك الله؛ دخلت علينا وعليك كآبة وحزن، فلما جاء هذا الغلام وحكى لك مصائب وهموما استبشرت وظهر عليك سرور! » فقال: «أصبحت وأنا مفكر في نفسي بأني لم أصب بمصيبة في جسم ولا ولد ولا مال، فقلت: «ما أظنّ الله تعالى ذكرني، ولا لي عنده جاه! » فلما جاء هذا الغلام وذكر ما ذكر عرفت أن الله تعالى قد ذكرني وأنه يخلف ما ذهب».
قال []: «مات لولده ولد يكنّى أبا بكر، فلما تقدم / ليصلّي عليه سكت فأطال السكوت، فقال له أحمد بن لبدة: «إنك لم تكبر» فكبر، فلما فرغ من الصلاة قال له ابن لبدة: «يا عمّي، ما بالك؟ » فقال له: «إني لما نظرت إلى قامته بأعلى النعش راعني أمره، فظننت أني كبّرت حتى أنبهتني» ثم قال: «لئن وفي جدك ثوابك يا أبا بكر فما أحسن حاله».
وكان إذا بلغه موت أحد ممن سمع عليه يبكيه ذلك ويحزنه جدا.
قال ابن الحداد: «وكان إذا قرئ عليه «مغازي ابن وهب» تسيل دموعه».
قال سليمان بن سالم: «وكان اذا قرئ عليه «كتاب الجهاد» لابن وهب» أو