رياض النفوس (صفحة 410)

«كتاب الزهد» بكى حتى تسيل دموعه على لحيته».

قال أبو بكر بن اللباد: «حدثت أن رجلا من أهل الأندلس يقال له «إبراهيم بن لبيب» كان يسمع من سحنون، فأراد أن يعلم حزبه وصلاته بالليل. قال إبراهيم: فأتيته فقلت: «إني أريد أن أسافر، وعندي غلام معه نعمتي ولا تطمئن نفسي أن يكون إلا عندك، فأحب أن تبيح له أن يبيت معك في البيت الذي تبيت فيه، قال: فأجابه إلى ذلك. فقال إبراهيم للغلام: «لا يكون لك عمل في النهار إلا النوم والسهر في الليل، حتى ترى صلاة سحنون في الليل».فأقام ثلاث ليال مع سحنون في البيت، ثم رجع إلى مولاه، فسأله عما عاين من سحنون، فقال له:

«كان يصلّي العشاء الآخرة ثم يوتر ثم ينام فما يقوم إلا لصلاة الصبح، فيركع ركعتي الفجر ثم يصلّي الصبح».فمضى إبراهيم بن لبيب إلى سحنون فقال: «أصلحك الله، إنك إمامي، وقد أخذت عنك ديني، وقد أردت أن أعلم حزبك في الليل» فقال له: «وما دعاك إلى هذا يا إبراهيم؟ ».فقال: «أردت أن اعلم ذلك» فقال له سحنون «قليل من العمل مع الورع كثير».

هذا ويمكن أن يكون عرض لسحنون في هذه الليالي ما منعه من قيام الليل، فقد وردت عنه أخبار في قيام الليل صحيحة مما يدل على كثرة تهجده وملازمته لقيام الليل».

يحيى بن عون، قال: «دخلت مع سحنون على ابن القصار وهو مريض، وكان من أصحابه، وأصابه في علته قلق، فقال له: «يا ابن القصار، ما هذا القلق الذي أنت فيه؟ » قال: «الموت والقدوم على الله عزّ وجل» فقال له سحنون: «ألست مصدقا بالرسل أولهم وآخرهم والبعث والحساب والجنة والنار؟ وأن أفضل هذه الأمة - بعد نبيها صلّى الله عليه وسلم - أبو بكر ثم عمر؟ و [أن] القرآن كلام الله غير مخلوق؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015