جمع الزيتون، ففعلوا ثم كتبوا إليه: إن الزيت قد اجتمع، فكتب إليهم ببيعه، فباعوه بمائة دينار، فرد سحنون الخمسين دينارا إلى جامع [العطار]، فأنكر ذلك وقال: «شيخ مبارك يأخذ ويرد؟ ».ثم قال لي سحنون: «اذهب بهذه الصرة إلى الزريني، فيها خمسون دينارا».ففعلت، فأخذها مني ودعا لسحنون وقال:
«يفتقدنا في دنيانا وآخرتنا».
قال سليمان بن سالم: [تأدب سحنون] بأدب أهل المدينة حتى في العيش، وكان يقول: «ما أحب أن يكون عيش الرجل إلا [على] قدر ذات يده، ولا يتكلف إلى أكثر من ذلك، وإن احتاج إلى امرأة طلبها على قدر ذات يده في مؤنتها وقناعتها حتى يبقى في يده ما يستغنى به، وإن كان له مال صالح حلال - والحلال هو الذي ارتضاه الله عزّ وجل لأنبيائه حين يقول: {(يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً)}، والطيب هو الحلال - اعتمد عليه وتفرغ للعبادة؛ وإن لم يكن عنده فعليه بكسب يده، [فذلك] أولى به من ذل المال، وهو مسألة الناس؛ وإن كان مستغنيا عن الزوجة فتركها أحب إليّ، وأكل أموال الناس بالمسكنة والصدقة خير من أكلها بالعلم والقرآن إذا احتاج إلى ذلك».
سليمان بن سالم، قال: رأيت لسحنون، رحمه الله تعالى، ساجا كحليا