سحنون: - لما قلت له إني عنها غني -: «فخذها سلفا فتتزوج منها وتنفق، فإن رزقك الله [فيها] فردها نقبلها منك، / وإن تعذر عليك ردها فأنت في حل»، فقلت: «ما كنت بالذي أتعجل دينا في ذمتي من غير حاجة» فقال: «فإذا أبيت من قبولها فلا تذكرها لأحد ما دمت أنا حيا».
وكان، رحمه الله تعالى، نزه النفس:
قال أبو داود العطار: «باع سحنون زيتونا له بنحو ثمانمائة [دينار] فدفع ذلك المال إليّ»، قال: «فكان [يبعث] إليّ رقعة يقول: «ادفع لفلان كذا وكذا دينارا، ولفلان كذا» صدقة منه عليهم، حتى فنى ذلك المال كله».
قال أبو داود: «فأتيته بإضبارة فيها تلك البطائق التي كان يبعث بها إليّ، فلما فرغ من سماع الناس عليه تقدمت إليه بتلك البطائق فقال: «ما هذه؟ » فأعلمته بها فقال: «أبقى من ذلك شيء».قلت: «لا» قال: فرمى بتلك البطائق إليّ وأبى أن يحاسبني، وقال لي: «إذا فرغ المال فلم أحاسبك؟ ».
وحدث أبو محمد عبد الله بن سعيد الصائغ، قال: دفع سحنون لرجل ذات يوم صرة، وهو في بيته، ثم قال له: «اذهب، فأول رجل تلقاه فادفعها إليه».قال: فتخلّل الأزقة، فإذا برجل عليه ثوب أبيض وتحته شيء يحمله،