رياض النفوس (صفحة 378)

المصحف فوضعه فوقه، ثم قال لهم: «اقعدوا الساعة، فهكذا ينبغي للمصحف أن يكون عاليا لا يعلى»، وهذا من تعظيمه وتشريفه لكتاب الله عزّ وجل، ولذلك عظمه الله تعالى وشرف قدره.

ويروى عنه أنه مر يوما على دار أبي محرز القاضي، فإذا على القناة التي تجري بين يدي داره قرطاس فيه اسم من أسماء الله تعالى فوق القناة لم يغرق فيها، فخاف إسماعيل إن حاول إخراجه بقصبة أن يغرق في القناة فيتلطخ بالنجاسة، فألقى كساءه ونزل إلى القناة، فساخ فيها إلى الورك، وأخذ القرطاس بيده وجعل يتخلل في القناة يلتمس موضعا يسهل عليه منه الخروج، فلم يزل كذلك حتى أمكنه الخروج فخرج، وقد اجتمع الرجال والنساء والصبيان ينظرون إليه، ثم أخذ كساءه بيده ثم تمادى إلى باب أبي الربيع حتى انتهى إلى «وادي القصّارين» فغسل مئزره وجسده ثم انصرف.

وذكر عن فضل بن أبي العنبر، وكان واليا على «الجزيرة»، قال:

«قدمت بزواملي وأعواني، فنزلنا ببعض حصون «الجزيرة» التي على ساحل البحر، فأدخلوا ثقلي في مسجد من مساجد الحصون، وأدخلوا الحصن كلابا وطيورا كانت معهم».قال الفضل: «فلما دخلت رآني إسماعيل بن رباح، فأتاني فقال: «ما هذا الذي أحدثت؟ أما ترى ما فعل أعوانك في بيت من بيوت الله عزّ وجل؟ » فصحت عليهم، وأخرجتهم بالزجر».قال: «فنظر إليّ إسماعيل وقال: حقن الله دمك! » قال: فشهد فضل معارك كثيرة فكان يقول لهم: «والله لو حملوني على الأسنة ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015