رياض النفوس (صفحة 264)

واختلف فيمن عقد له القضاء على إفريقية، فقيل: هارون الرشيد، وكتب له بذلك كتابا، وقيل: بل عقد له بذلك أمير إفريقية روح بن حاتم، واتصل ذلك بالخليفة فأقره. وأذكر ما روي لي في ذلك ليصحّ عند قارئه ومستمعه:

ذكر أن أبا عثمان حاتم بن عثمان المعافري كان صديقا لابن غانم، وكان قد رحل معه إلى مالك وسمع منه. فجلس أبو عثمان يوما مع أناس فتكلموا في ولاية ابن غانم، فقال بعضهم: لم تكن من أمير المؤمنين وإنما كانت من المسوّدة، - يعنون الجند - وروح بن حاتم. فقال أبو عثمان: «امرأته طالق ثلاثة ورقيقه أحرار إن كان ولاه إلا أمير المؤمنين».ثم إن [أبا] عثمان أتى إلى ابن غانم فأخبره الخبر. فقال له ابن غانم: «كم صداق زوجتك التي تزوجتها [به]؟ » قال: «مائتا دينار» قال: «وكم ثمن مماليكك عليك؟ » قال: «مائة دينار» قال: فدعا ابن غانم بكيس، فعد لأبي عثمان ثلاثمائة دينار وقال: «خذها يا أبا عثمان، فقد بانت منك امرأتك وعتق عليك عبيدك».فهذا دليل على أن أمير المؤمنين لم يولّه القضاء. وانتهى من فضله إلى أن كاتبه الخليفة فصارت ولايته كأنها من قبله، إذ أجازها وأمضاها.

وذكر ابن أبي حسان، قال: مضيت مع ابن غانم إلى منزله الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015